ليلة البارحة في سكون الليل، سوى ضجيج الشارع، أتأمل مع كوب الشاي واسترجع شيء من الذكريات، وأحلل المواقف..
أتذكر حديث مر علي يقول فيه صاحبه: “أجرت أنا ومجموعة من الشباب شاليه تابع لفندق، ولما عرف الوالد زعل زعل شديد جدا واسمعني كلام غليظ، وظن إني أنوي على سوء.”
ترى لماذا هذا الغضب؟ لماذا هذا الزعل
وتأجير الشاليه: شيء مباح؟!
زعل لأن المكان الذي هم فيه في عرفهم “شبهة”
وتطوف عليه المنكرات، فيخاف أن يستهل شيئا منها
وفي الحديث: “ومن وقع في الشبهات: كراع يرعى حول الحمى، يوشك أن يواقعه”
نحن نعاني في زماننا من التوسع في المباحات، وكأنما دائرة المباحات تضيق بنا.. ثم نشتكي قسوة القلب، وتسلط الشيطان، ليوقعنا في الذنوب..
وقد قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا}
قال سفيان بن عيينة: (لا يصيب عبد حقيقة الإيمان؛ حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزًا من الحلال، وحتى يدع الإثم وما تشابه منه)
كون الشيء مباح، لا يعني بالضرورة إنه مقبول بأي حال، وليس من الخطأ أبدا أن نترك ما نخاف أن يفتح علينا أبواب الفتن أو يكون مستنكر عرفاً، ويجعل أفئدة من الناس تظن بنا سوءا..أو يكون تسهيلا للشيطان ليقوعنا في الشَرَك..
وفي الحديث “الحياء شعبة من شعب الإيمان”
النفس البشرية، تحتاج إلى تربية وتزكية، وهي أول شيء نحرص عليه، وترانا ننطلق ونبحث عن هذه التربية في دورات التنمية والتطوير وقيادة الذات، فلما لا يكون أولى اهتماماتنا هو تهذيب نفوسنا وتطويعها بمقاومة الشهوات ودرء المفاسد وتضييق مداخل الشيطان؟..
أليست هذه هي القيادة العظمى للذات البشرية التي هي إحدى وسائل تحقيق الأهداف والنجاح؟ فكيف إذا علمنا أن النجاح هنا هو النجاح الأكبر والفوز العظيم؟