كثيرا ما تتأتى للمرء لحظات يستشعر فيها قسوة في قلبه، ويتمنى أن تهب عليه ريح الإيمان فتطمئن روحه وتسكن..وتراه يسعى في أبواب الطاعة راغباً..
ولكن رغم محاولاته الشتى، ما زال يشعر بعدم الرضا وأن شيئاً يحول دون أن يصل ..
ما سأحكيه هو حديث قلب يتأوه ويتقلب، يشعر بالحرمان، يرغب بزيادة الإيمان، ويبحث عن الغفران..
ليست تعقيباً على فقرة من كتاب أو نقلا لموعظة عالم، وإن كان إجمالا مستفيدا مما اكتسبه قبل من ذلك..
فإن قارب كلامي الصواب فهو خير وفضل من الله، وإن تنحى فمن نفسي ومن الشيطان
وجدت أن من أعظم مشكلاتنا في باب الإقبال على الطاعة عن الاعتناء بالكم، وإهمال الكيف.. خصوصا إذا كان الموضوع متعلقاً بكيفية أدائنا للفروض،
ولأقرب المعنى، دعوني أسأل ونحن نبحث عن زيادة الإيمان هل تفكرنا عن حالنا مع الصلاة؟
كيف حالنا ونحن نستعد لها ونؤدي قبلها عبادة الوضوء؟ هل نستشعر أننا نتقرب إلى الله بما افترضه؟ وأن ذنوبنا في مرحلة التساقط؟
ثم كيف حالنا في الصلاة ونحن بين يدي المولى سبحانه؟ هل نقف بين يديه بتعظيم، تتوجه إليه قلوبنا بحب، وهي بين الرجاء والخوف؟ هل تتفطر قلوبنا عندما نقول الله أكبر مستشعرين عظمة ما نهم به، وأننا في لقاء خاص اختصنا به رب العالمين..
هل نقرأ الفاتحة نعطي ألفاظها حقها، مدركين أنها السبع المثاني والقرآن العظيم !
هل نركع مدركين معنى الركوع، وكيف أنه موطن التعظيم..
هل نسجد بذل مستشعرين القرب منزهين الرب عن كل ما لا يليق بجلاله..
أم أن صلاتنا نقر؟ ومسرح للشيطان يقصص علينا قصص الماضي، ويناقشنا مستقبلنا؟ ونحن متطبعين ومتقبلين الوضع؟
ولماذا أسأل عن الصلاة تحديدا؟
لأنني كثير ما أجد الإجابات على المشتكين من ضعف الإيمان تدور حول: تخلص من المعاصي، تجدد التوبة، كثر من النوافل، احذر رفقة السوء، واستعن بجليس صالح، تدبر القرآن، اطلب العلم..
ولكن قليلا ما أجد من يلفت النظر ويعطي حلا عملياً فورياً ويقول بعبارة صريحة: حسّن صلاتك.
وما أحوجنا نحن إلى من يقولها .. وهي الصلة، وهي الركن، وهي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر.. وأول ما نحاسب عليه .. وهي التي أمرنا أن نصطبر عليها..
أليس الملاحظ أننا عندما نشعر بالمشكلة، نعدد الحلول التي أجريناها..
فترى من يقول
مالي ولقلبي، وأنا على استقامة، ومحافظ على صلاتي في وقتها..
وأصلي النوافل و أكثر من ومن ومن…
ولكن هل يتسائل عن هذه العبادات كيف أداها؟ وصلاته تحديداً كيف صلاها؟
هل كانت صلاته مجرد إسقاط واجب، أم حرك قلبه فيها ..؟
هل نال منها الشيطان؟ أم نال هو منه؟
هل خرج منها مرتاح البال، طيب النفس حبب إليه الجلوس للذكر بعدها..
أم مشغول البال، هارعاً إلى عمل يعمله، أو متفقداً لجواله؟
أحببت أن أكتب هذه الخاطرة وأشاركها، تذكيرا لنفسي، ولعلها تنفع قارئها..
فنحن بحاجة حقا أن نجدد هذه المعاني، ونذكر أنفسنا فيها..