رأيتها كما رأها, وعشت ذكريات كما عاشها و فرحت و حزنت و تألمت وتداخلت بي المشاعر, و تهت في العالم و اغتربت و رميت بسفه الدنيا و سخفها, و علا بي السخط
رأيت رام الله- مريد البرغوثي
من أجمل ما قرأت, رواية تعبر عن بعد إنساني واقعي تماما , تأخذك رغما عنك تضعك في محل كاتبها, تعيش تفاصيله, ذكرياته ومعاناته
تبدأ الرواية من حيث الجسر,
الجسر الذي علقت عليه آمال الكثير و طموحاتهم, كان الأمر أشبه بجسر من الخيال يظهر لبعض ويسمح لهم بالعبور, و آخرون يرجعهم للانتظار, وبعض آخر لم يستطيعوا رؤيته بعد.
تسرد الرواية أوضاع أهالي رام الله و ذكرياتهم, و يسرد الكاتب فيها طفولته و ثم مراحل حياته
جميل في الرواية أنها تحكي كل التفاصيل, كل التفاصيل التي اختلجت في فكر الكاتب و أراد تخليدها, يشعرك الكاتب أنه يحكي لك, يحكي لك كأنك مهم بالنسبة له.
عبرت الرواية عن ذاتية الكاتب التي لم تنفصل عن قضية قومية, فأخد يسرد حياته كفرد فلسطيني مغترب, همه استعادة وطنه و اكتساب حقوقه.
عبرت عن آرائه تجاه السياسية و الأوضاع, و الأدب و الغربة و الوطن.
امتزجت الرواية بألفاظ توحي بالضياع و الاستنكار و السخرية من الواقع ولحظات الضعف, و ألفاظ أخرى دلالتها الصمود وعدم الخضوع و الثبات على المبادئ, وحب الأرض التي هي ملك أجداده و ملكه.
كانت رحلة حياة داخل رام الله, ورحلة في بعد آخر إلى أعماق ذكريات الكاتب, تبعث الرحلة بالكثير من التساؤلات حول الكاتب وحول رام الله نفسها.
لم تعبر الرواية عن بعد ديني بذاته وما يمكن أن يعكس من أفكار على معتنقه, و الغريب أن الكاتب كان يذكر تارة المساجد و الخطب و الصلاة و تارة الكنائس و أعيادها بشكل مزدوج, الشيء الذي قد يبعث التساؤل حول ديانة الكاتب ! وقد يرجع البعض هذا الازدواج إلى تأثير الغربة على صاحبها, غير أن الكاتب كما يبدو توقع هذا التعجب لهذا بادر في السرد, ضاربا بتوقعات القارئ عرض الحائط:
من الامور الجميلة في رام الله انها مجتمع رحب و شفاف نسيجه مسيحي اسلامي تتمازج فيه طقوس اصحاب الديانتين بشكل تلقائي بديع شوارعها و محلاتها و مؤسساتها كلها تتزين بزينة الكريسماس و راس السنة و رمضان و عيد الفطر و الفصح و الاضحى . رام الله لا تعرف اسئلة المذاهب و الطوائف و المعتقدات
للكاتب وجهة نظره المحتلمة الصواب أو الخطأ, و قد لا نؤيده فيها
مقتطفات:
سالني المذيع في مقابلة أُجْرِيَت معي في مقر الاذاعة الفلسطينية في رام الله :
– السنا شعب معجزة؟شعبا مختلفا؟وطنا مختلفا؟
قلت مختلفون عن من بالضبط! و عن ماذا؟ كل الشعوب تحب أوطانها و كل الشعوب تحارب في سبيلها اذا اقتضى الامر الشهداء يسقطون من اجل قضاياهم العادلة في كل مكان المعتقلات و السجون مكتظة بمناضلي العالم الثالث و العالم العربي في طليعتها لقد عانينا و قدمنا التضحيات بلا حد لكننا لسنا افضل و لا اسوأ من الاخرين. بلادنا جميلة و كذلك البلدان الاخرى علاقة الناس باوطانهم هى التى تصنع الفروق فاذا كانت علاقات و رشوة و فساد تأثرت بذلك صورة الوطن.
و لما سالني عن شروط الاذاعة الناجحة قلت:
– ان عليها الابتعاد عن السلطة.
الغربة لا تكون واحدة .انها دائما غربات.
غربات تجتمع على صاحبها وتغلق عليه الدائرة.يركض والدائرة تطوقه.عند الوقوع فيها يغترب المرء في “أماكنه”وعن “أماكنه”.أقصد في نفس الوقت.
يغترب عن ذكرياته فيحاول التشبث بها.فيتعالى على الراهن والعابر.انه يتعالى دون ان ينتبه إلى هشاشته الأكيدة .فيبدو أمام الناس هشا ومتعاليا. أقصد في نفس الوقت.
الشاعر يجاهد ليلفت من اللغة السائدة المستعملة إلى لغة تقول نفسها للمرة الأولى.ويجاهد ليفلت من أظلاف القبيلة.من تحبيذاتها ومحرماتها ،فإذا نجح في الإفلات وصار حرا،صار غريبا. أقصد في نفس الوقت.
كأن الشاعر يكون غريبا بمقدار ما يكون حرا.
والممسوس بالشعر أو بالفن والأدب عموما إذ تحتشد في روحه هذه الغربات ،لن يداويه منها أحد.حتى الوطن.
لا يعرف العالم من القدس إلا قوة الرمز.قبة الصخرة تحديدا هي التي تراها العين فترى القدس وتكتفي.
القدس الديانات،القدس السياسة، القدس الصراع هي قدس العالم.
لكن العالم ليس معنيا بقدسنا،قدس الناس.
لتحميل الرواية من هنا:
http://www.4shared.com/document/cAPiKHxv/___-__.htm
واقعيتها ، عنفوانها، بساطتها ، والألفاظ المحلية التي استخدمت
كلها تنبئ بحب الكاتب لوطنه وترابه..
كانت صراع داخلي وملحمة ، من أجمل الروايات التي قرأت ()
رائع تحليلكِ :”)
ربي يسر لي قرائتها
بارك الله فيك ياعزيزة فلقد توقتيني لقرائتها