كانت تسير برفقة زوجها في منى الجمرات بعد أن انهوا رمي الجمار، كان الزوج يحمل في يده قنينة مملوءة بالجمار. جمعها من غير حاجة. كانت تسأله: لماذا جمعتها؟ وهو لا يملك الجواب فكأنه وجدها هواية، فأحب أن يمارسها..أو ربما ظن أنه قد يحتاجها ثم تذكر أنه لن يحتاجها..لم يكن يملك سبباً وجيهاً لفعله فاكتفى قائلا: لعلنا نحتاجها.

ساروا حتى رأوا شيخاً يحني ظهره يجمع جماراً، ابتسمت هي لما شعرت أن هذا المسن يشارك زوجها نفس الهواية.

ولكن الزوج فهم أن الشيخ يجمع لنفسه كي يرمي فهم إليه مسرعاً يرحم حاله، دفع إليه القنينة التي في حوزته: “تفضل هذه الجمار مجموعة وجاهزة للاستخدام”.

لم يبدي الشيخ اهتماماً بالجمار، بل أمسك الشاب وصار يحدثه بموضوع، والزوجة ترقب عن كثب، متعجبة من هذا الحوار المباغت،
“هل ارتكبنا خطأ؟ وهو ناصح وموجه؟”
“هل يسأل عن حكم؟ لكنه يبدو أعلم منا”
“هل يسأل عن مكان؟ لكنه من أهل البلد، وهو أدرى منا بشعابها.”
“هل هو جامع مال وهذا كمين؟ لا أبداً، لا يبدو عليه أنه كذلك.”

لم تستطع الزوجة أن تسمع طرفا من الحديث، حتى تعرف ماذا يدور، وانشغلت بنفسها.. ولما أكملا طريقهما تذكرت أن تسأل:

-ماذا كان الشيخ يريد؟

-كان يوصيني عليك!

ابتسمت وهي تحسبه يمازحها متلطفاً كعادته.

-صدقاً ماذا كان يريد؟

-كان يقول الأخت المحتشمة هذه بارك الله فيها وثبتها، أحفظها وضعها في عينك، أوصيك فيها خيراً هي نعمة ومنة.