بين يدي كتاب حقبة من التاريخ لعثمان الخميس تعلمت أن آراء البشر تختلف تبعا للمنصب أو المسؤولية التي هم فيها تجاه الأمور، وبالمعنى فإن وجهات النظر هي فعلا وجهات للنظر تعتمد على الزاوية التي منها سيبصر الإنسان..
علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما تولى الخلافة كان يرى المصلحة في تأجيل إقامة الحد على قتلة عثمان، بينما معاوية رضي الله عنه كان يرى خلاف ذلك ولم يدرك معاوية ما حمل علي على رأيه إلا بعد أن تولى الحكم وصار في الموقف الذي كان عليه علي..
كثيرا ما نسمع في مجالس النساء على وجه الخصوص “لماذا عملت فلانة كذا؟، أنا لو مكانها كنت عملت كذا”.. ونحن لا ندري بالظروف التي أحاطت فلانة ولا أولوياتها ولا تجاربها.. وكثيرا ما يحصل أن نسلك نفس مسلكها لما نقع في نفس الظرف..
اختلاف وجهات النظر ليس بالشيء المستنكر.. ولكن ما يستنكره ويستكرهه القلب قبل العقل أن يجعلنا هذا الاختلاف نقرر أننا أصحاب الرأي السديد ونذيع على ألستنا أسماء المخالفين استنكارا وازدراء أو أن يصل بنا الحال إلى سد الطريق عليهم..
جرب أن تبصر بعيونهم، ضع نفسك مكانهم، اسمع منهم، ادرس أسبابهم.. حتما سينقشع عنك غطاء..
تفكر في زوايا تفكيرهم، راجع أفكارك، ادرس الوضع جيدا.. قد تندم على حالك..
وثم إياك.. وإياك.. وإياك.. أن تكون بياع الكلام، ماهر في الهدم..قليل التنفيذ ومتخاذل في العمل..
تنكر على أهل الأفعال إنجازهم وأنت يوما ما خطوت الخطى، ولا حققت إنجازهم..
لا تطلب من الناس أن يكونوا مثاليين في عينك، منضبطين وفق ضوابط تؤمن بها وأنت غير متيقن من أنك ستكون منضبط بها في مثل ظروفهم.. لا تدع المثالية يا صاح وتقول أستطيع.. تذكر أن الحياة أخذ وعطاء، شد ولين.. وأمور خارجة عن السيطرة..
احفظ لسانك عنهم حتى لا تكثر سقطاتك.. ثم تحاول التسلق على حساب الدين والقيم والمبادئ من أجل تبرير مواقفك..