أسمع حشرجات بكائك، كثرة أنينك توجعني، تقمصني دور المذنب الذي أذنب لعدم إجادته مواساتك..
تبعثرت الحروف في وسط الضياع، وفوق الرصيف جلست أنات العتاب، ضباب يعمي البصر، أي تيه ذاك الذي تكتسيه وأكتسيه ويكتسيه ألف من حولنا..؟!
نتساءل في ذهول عن تلك المعاني والمرادفات وسنن الحياة ونبعها، أطوارها .. طلاسمها.. وماذا يحين بعدها..
وتتبعثر الحروف مجددا في مهب الريح، تحملها رياح شديدة، تدّخلها دوامة عظيمة تضرب بعضها بعضا، تحطم بعضها بعضا، ثم ترميها بعيدا جدا..
فمرت كأن لم نسمعها، أنباء الحزن، ألوان المآسي، زفرات الكفاح.. وبأس شديد ..
ها أنت تنحب من جديد، تشعرني بقلبي القاسي الذي ما زال في عمق المعاصي، لاهيا لاهثا متناسيا غائبا .. و… كم خدعتنا هذه الحياة !
كم خدعتنا بجمالها المرسوم على قناع خارجي، أعجبنا فلم نسأل عن محتواه الداخلي، نحن لم نسأل عن زواياه، أو حتى عن ثغوره.. عن قطرات الدم التي تنزف من ورائه وتسيل إلى أسفله.. نحن حتى لم نأبه.. لما يدور، لما يجري.. نحن عشنا خارج الحياة فقط أمام وجهها المزيف.. وعشت أنت الحياة داخلها..
عشت تصنع داخلها الكثير، تحاول إصلاحها لتعود جميلة نقية صافية لا تحتاج إلى أقنعة، وبت وما زلت تدعونا لأن نحطم القناع ونقتحم لكننا ما زلنا نخاف الخطر.. وما زلت أنت تقاتل وحدك متأثرا بجراحك ورغم هذا لا تيأس ورغم ذلك لا نتدخل..
كفتنا الحياة أنا نراها بأعيننا جميلة، غير آبهين بغيرنا من البشر، حتى وإن مسخت كرامتنا، محت هويتنا، ماتت فينا القيم.. ونسينا رسالتنا.. وازدريت أنت فينا ذلك ..
مخرج:
“يعز على المرء أن لا يرى … شباب الهداية يأبى الخور
ويكره قلبي ذليل الخطى …فتىً بين أترابه مُحتَقَر”
– العشماوي