في السفر فرصة للألفة والتعارف، خصوصا عندما يتعلق الأمر بكونك غريبا في بلد وتحتاج إلى أبناء جلدتك.
كنت في المطعم أنا وأمي نسأل عن قائمة الطعام واحترنا أهو حلال؟ وماذا علينا أن نختار؟
أمسكت أمي القائمة وجلست في مقعد بجوار سائحة كويتية قائلة مباشرة: “احترنا يا أختي في أكلهم ما هو الحلال منه” ثم بدأ حوار يدور بينهما متعدد الموضوعات تارة عن المناطق السياحية وتارة عن الإمارات والكويت والأهل والأقرباء.
وأنا أقف في ذهول اسمعهما كأنما لقاء تعارف سابق حصل بينهما واستغرقت أبحث في سجلات أرشيف ذاكرتي متى كان هذا اللقاء وكيف وهي لم تفارقني بتاتا.. وخرجت بلا نتيجة..
في الغرفة استجوب أمي،
“هكذا فقط، على طول كلمتيها بهذا الأسلوب بلا مقدمات أو معرفة مسبقة؟!”
قالت: “ما بكِ قلت لها السلام عليكم ونحن مارين مسبقا”
أنا في نفسي: (فقط السلام كفى!)
صدق حبيبي صلى الله عليه وسلم حين قال:
(ألا أدُلُّكم على أمرٍ إذا فعَلْتُموه تحابَبْتُم ؟ أفشوا السَّلامَ بينكم)
تكرر لقاؤنا بها مرات عديدة وكانت ودودة جدا، كل لقاء مختلف عن الآخر منه ما اكتفى بالسلام ومنه أين ذهبتم اليوم وماذا وجدتم؟
في آخر لقاء تناول الحديث جوانب شخصية وكيف حصل التعارف وحكت لها أمي ما بدى مني من تعجب واستغراب فقالت: “هذا هو الإسلام دين محبة وتراحم وتعارف بين الشعوب والقبائل، الحمدلله الذي أوجدنا مسلمين”
كان حديثها جميلٌ جدا وأسلوبها راقي.. وإلى هذا اللحظة لم نكن نعرف اسمها ولا تعرف اسمنا ..
فطلبنا رقمها ثم عرفتنا بنفسها، وكانت صدفة جميلة إذ تبين أنها عمة فتاة أتابعها على تويتر.
كانت هذه ليست أول مرة استجوب فيها أمي الاجتماعية بطبعها عكسي تماما..
دائما ما أقول: “يا أمي أي امرأة ترينها هكذا والدرب تعارفتم! ويالسرعة العلاقات التي تكونينها!”
ودائما ما تكرر علي نفس الكلام: “الناس بطبيعتها تحب من يتودد إليه ويبادر بالتعارف، أنت فقط لديك صورة سيئة وحذر مبالغ. أكلم الناس فإذا وجدت منهم تقبلا أكمل وإلا فانصرف”
في فندق آخر، كنا نجلس في قاعة الاستقبال وحيث يجتمع هنالك المقيمون، أراد أبي الصلاة جماعة فاقترحنا عليه أن يخبر رجلا سعوديا كان جالسا مع زوجته. ذهب الرجال للصلاة وبقت الزوجة وحيدة،
قلت لأمي هيا نذهب نجلس معها، قالت: لا!
قلت: معقول أنت أمي!
أصررت عليها حتى تشجعت فذهبنا إليها فإذا هي عكس المتوقع..
غير اجتماعية بتاتا، تجاوب قدر السؤال ولا تبدي ترحيبا ..
طبعا لحظتها شكتت في أمي لعلها تكون خارقة تميز من يستحق التعرف عليه بلمحة بصر.
طبعا في هذه الرحلة أمي تعرفت على عمانية تبين أنها تعرف أفراد من المعارف ولها نفس الاهتمامات، وسيلانكية تبين أنها من أهل مدير الفندق ورزقنا بواسطات والحمدلله.
أليس شكي بأمي في محله يا ناس؟
بلى في محله ، إحساس الوالدين لا يخيب.
كلماتك راقية ورائعة تلامس القلوب.
دمت متألقة