أ
دهشني عدد المناسبات التي تمر بها العائلة فمن حفلات تخرج إلى أفراح الزفاف إلى مواليد جديدة، وبين هذا وذلك تنطلق الأمهات إلى الأسواق في انتشار للبحث عن الهدايا التي ربما أصبح جزء منها عبء وكلافة وتدخل من باب العرف أكثر من باب طرق قلوب الآخرين لإقحام السعادة.
وبين ذلك وهذا تأتي طفلة صغيرة تبوح مع كلماتها بشيء من الأمل مع مزيج عتاب كبير: “أنا أيضا أريد هدية، لماذا لا يهديني أحد؟!” والإجابة ككل هي أن يطرح عليها السؤال: “وما المناسبة لهديكِ؟!”
مشاعر تلك الطفلة حفزت فيني القلم لأكتب هذه التدوينة ، لربما لأني فطنت على أن أحدهم لم يهديني أنا كذلك هدية منذ زمن!، -علما أني لا آبه-، ولكن أن تصل إلي هدية أمر جميل ! (بمعنى: أستقبل الهدايا على فكرة)
ذكرتني الطفلة بموقف سابق ترويه إحدى المعلمات الآنسات قائلة: “بين الفترة والآن نسمع أخبارا سعيدة عن إحدى الزميلات والتي غالبا ما تكون أنها قد وضعت مولودا، أو شفي ولدها، أو أصبحت جدة. ونحن نشتري الهدايا لهن ولا يهدى إلينا شيء لأنه لا مناسبات عندنا”
حديثها يبعث بالشفقة وكثير من الأمنيات، تماما كما كانت تشعر تلك الطفلة، فمن لا يحب الهدايا؟ ومن لا يتمنى هدية؟
وكما يقال فيما يضرب من الأمثال: “حتى بائعة الورد تشتهي أن يهديها أحدهم ورداً”
تساءلت كثيرا عن ضرورة ارتباط الهدية بمناسبة معينة، ولم أجد ذلك أمرا ملحا.. غير أننا تعودنا عرفا أن تقترن الهدية بمناسبة وتقدم بغلاف تشويقي يخفي مكنونها، وذلك ما يعطيها طعما، وفي حالي أنا اكتشفت أن من حولي أهدوني هدايا كثيرة في غير المناسبات غير أنها سلمت من غير حفاوة ولا تشويق وتنويع، يعطي للهدية طعما..
حياتنا لا تخلو من المناسبات، التي تحق لكل واحد منا حصوله على هدية لكننا نقتلها لتصبح بعض مناسباتنا جامدة.. فأصبحت الهدايا لا تقدم إلا في أحد الأحوال الثلاثة: تخرج، زواج، ولادة.
فالنجاح والتفوق لأنهما أمر مكرر كل عام على نفس المنوال لم تعد مناسبة تستدعي الاحتفال وتقديم الهدايا.
الأعياد جامدة، لم يلونها إلا لمعات النقود كعيادي، والتي أؤكد أنها ليست نفس طعم الهدية.
عودة المسافر، كل الناس تسافر، والبضائع هي نفسها، والأوزان في الطائرات محددة فلم تعد الهدايا أمرا مقترنا كما السابق بالسفر.
ما أعلاه ربما لا ينطبق على الجميع ولكني اتحدث عن محيطي، ولم أذكر أعياد الميلاد، لأننا لا نعترف بها كمناسبات.
أذكر في ما مضى فكرة جميلة، كنا نطبقها أيام المدرسة باسم ” تهادوا تحابوا” حين تسحب كن منها ورقة فيها اسم زميلة تهديها هدية، كم كانت لتلك الفكرة طيب الأثر، حتى أنّي ما أزال أحتفظ بجميع الهدايا التي أهدت إلي دون أن أنسى صاحباتها..
للهدية رونق خاص، وجمال يقحم السعادة في قلوب الآخرين، تجعلهم يحلقون في سماء المحبة.. حيث الألفة والنقاء..
ما أجمل تبادلنا للهدايا حين تكون نابعة خالص من القلب، لا نكترث لصغر حجمها ولا نوعها..
ما أجمل الهدايا التي تصلنا من غير مناسبة، بلا سبب أكثر من الوفاق والود.
فقط الهدايا التي تغطيها هالة النقاء هي التي تخلد في القلب، لا تلك التي يرسمها البذخ.
تعالوا نتبادل الهدايا، لنبنى جسور المحبة، نخلد ذكرانا في قلوب الآخرين.. ونترك طيب الأثر..
فعلًا ،
الهدايا لها وقع خاص على القلب خصوصا إن كانت بلا مناسبة ولا تخطيط
كـ تلك التي من أختكِ لتطيب خاطركِ بأمر ما أو حلوى من طفل يفهم معنى المشاركة =)
* لا تنسي نصيبي منها ؛)