كنت سأتساءل عن حقيقة موت حلم ايميلي* ما إذا بقيت الأبواب أمامها مقفلة وكل دور النشر ترفض نشر رواياتها أمام موهبتها المنشودة,
والحقيقة أن الأفق يضيق بالمرء ما إذا كانت كل الطرق المؤدية إلى روما قد محيت من الخارطة أو لم تعد معروفة !
الشيء الذي أدركته ايملي في النهاية أنه بإمكانها أن تكتشف طريقًا جديدا لم تعرفه, لا أن تترجا الأبواب المقفلة أن تفتح لكي تتمكن من العبور.

كم كنت أشفق عليها بانتظارها للأمل الذي لو كانت في زماننا هذا لم تنتظره أصلا, لأنه حلمها كان سهل التحقق عبر شبكة الإنترنت !
حلمت ايملي أن يقرأ الناس ولها ثم تكون كاتبة معروفة رائدة في الأدب, رأت أن الطريقة الوحيدة للنشر هي من خلال دور النشر, ولكن دور النشر لم ترحب بها,
أخيرا قامت بتوزيع نسخة من روياتها الأخيرة على الأقارب و الجيران و تم تبادلها بينهم ووصلت إلى العديد من الناس حتى عادت إليها أخيرا محملة بالكثير من الآراء و الإعجابات بموهبتها و نبوغها الأدبي.

لاقت فكرة نشر روايتها بأسلوبها الخاص قبولا كبيرًا و شيوعًا في زمن لم يكن الإعلام يبلغ قوة الإعلام الجديد,
الأمر الذي جعلني أدرك أن الشعوب متعطشة للإعلام مهما كان نوعه و أسلوبه فهي تدعمه ما لم تجد طرق إعلامية أقوى.

أتخيل ايملي لو كانت بنت اليوم و ثورة التقنية و الإنترنت
أتوقع أن أرى رواياتها و قصائدها قد انتشرت بدءا من المنتديات و المدونات
حتى أرى لها كتب بنسخ إلكترونية
سأراها تطور نفسها بنفسها تبحث عن المجالات تصنع الفرص قبل أن تبحث عنها
ربما استطاعت بذكائها أن تكوّن شهرة أكبر من أي أديب كان في زمانها

وعلى كلِ, إني أدرك في النهاية حقيقة أن إنسانة مثلها في زمننا هذا ستكون محل اهتمام و ستعرض عليها الفرص الدعم و تتبانها مؤسسات اجتماعية لتدعم موهبتها
بفرض أن هذه الفرص لم تتواجد في ذلك الزمن, و أن العنصر الأساسي في موت الكثير من المواهب عدم وجود من يتبناها,

وعلى فرض أن هذه الفرصة لم تتوافر لها,
فإن التقنية فتح, ونعمة بالغة, حمدا لله…

 

……

 

*ايميلي المذكورة في رواية Emily of New Moon
للكتابة : Lucy Maud Montgomery

-سبق و أن ذكرتها في تدوينة “مجددا مع الكتابة” بعد أن أصبحت من الأنمي