هل تساءلت يوما عن عدد الأديان على كوكب الأرض؟!, لعلك تجد الإجابة كما وجدت أنها حوالي (10000) العشر آلاف دين ! و معظم هذه الأديان تنقسم إلى طوائف متعددة تفرعها, فعلى سبيل المثال قيل في النصرانية أن فيها(33830) طائفة مختلفة. (1)

العجيب في الأمر أن عدد أديان كهذا, لم نسمع منها عن أي دين واحد يحَارب كما حُرب الإسلام !, ولم نسمع عن أي دين رميَ بالشبهات التي تدعي نهب الإنسانية و الكرامة كما رمي الإسلام. و العجيب أيضا أننا لو قارنا بين الإسلام و أي دين آخر من النواحي الإنسانية و الفكرية و غيرهما, بعد تفحص و تمعن, لرجحت كفة الإسلام ولعرف العالم مقدار الكذب و السخف الذي ينشره الإعلام الغربي على الإسلام.

و أنه لمن المبكي أن نعلم بأن الكثير مما يرمون هذه الشبهات يعملون حق المعرفة أنها أكاذيب يزعمونها محاولة لوقف انتشار هذا الدين العظيم. و إنه لمن المضحك أن نرى أن رغم محاولاتهم البائسة, تنقلب الأمور عليهم فيزداد الإسلام في انتشاره بدل أن يتوقف.

و السؤال الذي يطُرح هنا, لما يصرون على كل هذا العداء ؟!

فإن صدقت رسالتهم حول مبادئ الإنسانية و الكرامة و العقل, لما لا يعتزلون الأكاذيب و يقيمون النقد الصادق على أديان حقا تستخف بالعقل, تقتل الحرية, يكون فيها الحاكم البشري كالرب لا تُرفض كلمته, أو كاهن يمنع العلم, أو رهبان يمنعون العمارة, و هذه الأديان كثيرة ! وهي موجودة على حق و حقيقة, على عكس مبادئ الإسلام لو أيقنوها, فعلى الأقل لو تطلعون إلى مكانة المرأة في الأديان فهم لن يجدوا كمثل الإسلام دين يوصي بحفظها و إعطاء حقوقها, ثم إنهم دائما ما يرون إلى ظاهر الأمور التي يزعمون بصحتها بسبب قصر عقولهم و يشككون فيما دون ذلك من دون علم أو تقصي قبل الحكم.

عجيب أنهم تغافلوا عن نواقص جميع تلك الأديان و زعموا وجودها جميعا في الإسلام ! مع أن الإسلام هو الدين الوحيد الخالي من تلك العيوب و الذي يصحح نهج الإنسانية و سلوكها الفطري.

فعلى الأحرى لو أنهم صدقوا ما زعموا, ليفسروا لنا لما يكون الإسلام هو الدين الوحيد الأسرع انتشارا و إقبالا للدخول به ! لا أظن أن ملاين البشر الذين دخلوا في الإسلام و منهم الكثير من رهبان الكنائس, لا يوجد من بينهم عاقل واحد, بل هم جميعا أصحاب قرارات محسوبة بعقلية و اقتناع, و إلا لما قبلوا بالعواقب التي لحقتهم بسبب إسلامهم مثل الأذى الذي يصيبهم.

عندما نصور صورة العداء هذا, تتقرب إلى أذهاننا صورة يكون أعداء الإسلام كالإنسان الفاشل الذي يرمي بعيوبه و عيوب من سواه على الآخرين ممن هم أعلى منه مستوى, حسدًا أو رغبة منه ليبعد النقص عنه.

قال تعالى:

وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(2)

لما الإسلام ؟

كون الإسلام هو الدين الوحيد الذي أقيمت عليه الحرب, دلالة على المكانة التي احتلها من بين الأديان حيث أنه أصبح ينافس على المرتبة الأولى و أصبح يشكل خطرا على الأوضاع السياسية و الألاعيب المخبأة أسفلا, وهذا ما لم يقبله النصارى و اليهود سابقا و لن يقبلوه حاضرا لقوله تعالى: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِير(3)

و الدلالة الأعظم من ذلك, هي صحة نهج الإسلام. فإن البناء عندما يكون كاملا من دون أخطاء فأنه قادر على تلقي و تحمل أنواع الضربات, على عكس البناء غير المتكامل أو الذي تترك فيه الثغرات, فلينهد منذ أوائل الضربات.

و البناء المتكامل هو الإسلام, فمنذ أن ظهر وهو يتلقى ضربات ولم يمسه ذلك من شيء غير أنه زاده صيتا.

فلو تطلعنا من زوايا نظر متعددة ثاقبة ربما لشعرنا أن هنالك أمرا ربانيا خفيا, أو أنها رسالة لم يفهمها إلا من وعى,

ربما لو أننا عدنا في ثنايا التاريخ و سيرة الحبيب و قيام الدولة الإسلامية و رحلة انتشار الإسلام, و الأحداث التي عاصرت الأمة فاعلتها تارة و هبطت بها تارة, لشعرنا أنها مسيرة كبيرة طويلة ممتدة من تلك القرون إلى هذه القرون, تماما كسيّر النجاح التي تبدأ بالصعاب و تجتاز الصعاب و تسعى و تسعى ثم تعلن النجاح.

كأن الأمر أشبه بقصة تحدي, هو أمرٌ اختاره الباري ليبين حكمة بالغة,

وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (4)

سؤال أخير أطرحه على أولائك:

“إن من ينكر تفوق الإسلام كمن ينكر وجود الجلد على جسده, فإن لم يكون الإسلام مدعوما برب, من الذي يقف خلف نجاحه ؟! “

إن القصص تنتهي بانتصار الخير دوما.

ــــــــــــ

(1)كم عدد الأديان في العالم؟

(2) البقرة 109

(3)البقرة 120

(4)النحل 93