الأيام لا تبقى كما هي عليه، هذا ما تعلمنا و نحن ندور مع عجلة السنوات، نعيش و نحصد الذكرى..لا شيء يبقى على حال..ولا مجال للعودة إلى الخلف..فالماضي لا يعود..

استيقظت تلك الليلة في سويعات ما قبل أذان الفجر .. وبقيت في ذهول خارج نطاق الحياة ودون تأمل في ما هو آتي..وهو يوم العيد..

مع أذان الفجر استفاق الذهن وطار إلى سحابة غابت منذ عام هجرتها وكل ما فيها واليوم أزوروها لأرى بقايا من حطام ذكرى تبعث سهام الألم بقوس من ذبول..وثم تعتريني رغبة في بكاء صامت .. يدفعها قلب آبى إلا النسيان..فابتسمت..

شروق الشمس كان خيوطا بالأفق..منظر من جمال عسجدي، وتقاطع مع ذلك الشروق بكاء طفلة استيقظت وأبت العودة إلى الفراش..ربما كان حلما دفعها إلى استشعار اللحظات مثلي..

وبعد محاولاتي الفاشلة في اسكاتها أراني أفتح باب الشرفة..ليدخل تيار الهواء..يتسلل في عمقينا..للحظة صفاء..فتأملت هي بصمت..و تأملتُ بصمت..

ولست أدري كم بقينا على تلك الحال..نقف يداعبنا الهواء..و أنفض أسراب السديم عن ذكرى جميلة ..وتسجل عيناها ذكرى جديدة..

غردت العصافير،فسمعتها بكل براءة تقول: عصفورة .. أريد أن أرى العصفورة..

حملتها لترى بوضوح فإذا بابتسامة تعقبها غيمة بيضاء تنطلق من فيها نحو الأفق.

ثم انطلقت تكبيرات العيد..فكانت صوت رن في أذنيها..ينم عن استغراب..وصوت في أعماقي..عانق البهجة..

تراقصت الأغصان..وحلقت أسراب الطيور..وظللتنا غيمة سعادة..ونستنشق مع نسيم الهواء السعادة..

وثم إن الحياة بيضاء كما الضوء، بيضاء وتنشر كثيرا ألوان الطيف..

ولننسى ما كان من ألم..ولنقلب الصفحات ونستقبل الأمل..