شاهدت اليوم عادة من عادات الشعب الموريتاني في مقطع فيديو قصير، كان حفلة تزينت فيها النساء وضربت لها الدفوف، وكأنها حفلة عقد قرآن لكنها من غير عريس بل هي في الحقيقة حفلة توديع للعريس، حفلة طلاق.

استنكرت بادئ ذي بدء ما رأيت، ولكني لما أطلعت على التفاصيل فهمت ووعيت وأسفت على التسرع بالحكم.

الحفلة تقام بعد خروج المرأة من العدة، تجتمع النساء وتحتفل بها تطيبا لخاطرها وتقديرا لذاتها وأنها أبدا لن تُهمّش وأيضا ربما شيء من إعلان خروجها من العدة.

لم تكن العروس -عفوا أقصد المطلقة- في الحقيقة سعيدة أو طائشة خلال الحفل كما نرى من العجائب في بلدان أخرى، بل كانت بائسة مكسورة الخاطر، تحبس دمعتها، ولكنها حامدة راضية بما كتب الله لها.

تأثرت حقيقة من هذا الموقف النابع من التقدير، وزدت إعجابا بالمجتمع الموريتاني النبيل، مجتمع مشهود له بالعلم ورجاحة العقل.

اليوم أيضا زارتنا على غفلة ضيفة، وقدمت تسلم على جدتي وتغرقها بالقبل، ثم قالت: يا جدة تعرفين من أنا؟
الجدة: أنت بنت فلان
هي: بنات فلان كثر، أي وحدة فيهم أنا؟
هي: أنت المطلقة

احتفلت الضيفة بأن الجدة عرفتها، بينما بقيت أتأمل أنا كيف أصبح “المطلقة” اسمها الذي اعتادت عليه وكفاها أن الجدة عرفتها به.
حتى أنها في الزيارة الفائتة لما زارتنا وسلمت وسألتها الجدة من أنتِ؟ قالت بسرعة وبداهة: بنت فلان المطلقة.

أصبح اللقب الاسم الذي به يتعرف المجتمع عليها، وهي لا تحمله بأسى، ولا تعتبره نقصا أو عيبا، وهو فعلا ليس بنقص أو عيب، إنها حتى مرات لما تتدخل إحدى النساء لتغير الموضوع خوفا على مشاعرها تضحك لأن الموضوع لا يشكل معها أي وجع، ربما السنين علمتها وقوتها، إنها ترى الموضوع بشكله الصحيح، لا بفكر مجتمع جاهل، إنها قوية، لم تستطع تغيير الواقع لكنها استطاعت التعامل معه بنجاح.