من الدروس التي يتعلمها المرء في سفره أن لا يتعجل في إطلاق الأحكام أولا، ثم أن يتنازل أو يتغاظى عن بعض الأمور لتكمل متعته، وأخيرا أن يفكر خارج الصندوق ويرى الأشياء على ما هي عليه ويستغلها بأكمل الصور.
بعد عناء أربع ساعات في طريق أضف عليهم مواصلتنا الليل بالنهار في الطائرة. وصلنا أخيرا إلى المنتجع الذي سنقيم فيه ليلتان. الجو حار والرطوبة شديدة، أصبنا بخيبة آمال كبيرة خصوصا لما علمنا أن المنطقة ليست بها مرافق سياحية تستحق الزيارة والذي يعني ضياع يوم في المنتجع! وهل أتينا نحن من أجل البقاء في المنتجع؟ ثم إن المنتجع لا تتوفر فيه شبكة الإنترنت إلا في صالة الاستقبال فهل هذه حال؟
كان الاتفاق بيننا وبين المرشد السياحي أن يصحبنا إلى محمية طبيعية صباح اليوم الثاني، ولكن كل من زاروها حذرونا من الوقوع في المصيدة فلا شيء فيها يستحق بهض ثمنها.
ولما علم الأستاذ المرشد كأنه غضب ولم يعجبه ولمح لنا بأننا بخله!
طلبنا منه أخذنا بجولة في المنطقة فأخذنا إلى حيث المحمية ليرينا كتيب فيه صور لعلنا نغير رأينا ورغم هذا أصررنا على موقفنا.. فأعادنا إلى المنتجع كمعاقبين!
أصبحنا الآن مجبرون على إيجاد حل كي لا يضيع علينا اليوم، فوجدنا أن هذا الحل لا يتعدى تغيير فكرة مرسومة في أذهاننا..
فكان ذلك اليوم من أروع ما يكون، لما غيّرنا فكرتنا حول المنتجع من مكان نوم وسكن إلى مكان استجمام واسترخاء واستغلال للمرافق..

تجولنا في المنتجع وتعرفنا على كل مرافقه، وتلبدت السماء بالغيوم، وما عاد هنالك حر! كأنما الشتاء حل فجأة.

أجرينا مغامرات.. تعرفت على القرود، مشت أمامي السناجب، أراد أن ينطحني ثور، لم أخف من الكلاب -إلا قليلا- وتسلقت كوخ الشجرة.

ثم إن جلوسي في صالة الاستقبال من أجل الإنترنت، كان بحد ذاته متعة وتغييرا وخروجا عن الانعزال حيث يجتمع المقيمون هناك وفي المرافق، فكانت هنالك فرصة للتعارف بيننا وبين الأخوة العرب، فتبادلنا معهم أروع الحديث، وأحببنا المكان حتى كأننا لم نرد المغادرة.