أسرح بخيالي كثيرا في ظل هذا الواقع ملتمسة حلولا تجعلنا نعيش في سلام تام. إلى اليوم يا ترى كم مرة حررت فيها هذا العالم وخلصته من القمع والفقر والحرب وطهرته من كيد اليهود ومحوت حدودهم المرسومة قسرا، فأعدت إلينا القدس ووحدت دولة الإسلام وفتحت بلاداً كثيرة ونشرت فيها العدل والسلام فعاش الناس بأمان واطمئنان وتعاقبت فيهم الأجيال متمسكة بالقرآن حرة العقول، عاملة بالتوحيد..

فهؤلاء طلاب المدارس يتخرجون خاتمين القرآن ثلاث وأربع (حفظا)، ودخلوا جامعات لم تعرف إلا العربية، تبعث إليها الأجناس المختلفة من غير المسلمين ويفرض عليهم اختبار اللغة العربية.

تفتحت العقول، وازدهرت الحضارة والصناعة والعمارة؛ فذلك الذي كان همه لقمة عيشه، صار همه عصف ذهنه، وشهد التاريخ ابتكارات المسلمين واحتلت الصدارة وانتعش الاقتصاد بمداولات إسلامية، وصار الإعجاب بحضارة المسلمين هاجس الشباب غير المسلمين وصاروا يقلدون المسلمين بلباسهم وينطقون بالعربية حبا وتفاخرا.

عُرف المسلمون بالأخلاق العالية والمعاملات الراقية، وشاعت الأمانة، فلم يعرف ثمة سارق أو غشاش، وأقيمت الحدود وقام العدل واقتبس غير المسلمين من قوانيننا.

لم يُعرف في المؤسسات شيء اسمه “اختلاط”، وعاش الموظفون على الفطرة، المرأة تعمل مع المرأة والرجل مع الرجل، وشبكة بيانات تجمع بينهم.

تسترت النساء، وصار لا يرى منهن إلا الستر والعفة، فلا شيء من البدن ولا رائحة عطر ولا عباءة مزركشة. عم الهدوء أرجاء السوق بلا ضجيج معازف، ولا نعيق المغازل، واستتب الأمن، ورجل الحسبة اطمأن. وما عاد يوجد من ينكد على المرأة نقابها، ويرثي عليها شبابها، كما أن صورتها أزيلت من بطاقة الهوية وجواز السفر، وصار الاعتماد على البصمة.

لم يبق في الدولة فقير! أموال الزكوات يستفتي الناس الفقهاء فيما تصرف؟. هوية المواطن هي أنه مسلم، ولكل مسلم حقه وأرضه وممتلكاته ومتساوي مع غيره في الحقوق. والحكام يسيرون آمنين متواضعين بلا حاشية -كما كان عمر-، لا يوجد شيء اسمه أحزاب ولا حكم إلا بالكتاب والسنة؛ يستفتي الحكام العلماء الربانيين ويعملون بشرع الله، يقربون الأتقياء، ويحاربون دود الفكر وسافكي الدماء.

مساجد الله ممتلئة وقت الصلوات المفروضة، ولا يكاد يتخلف رجل إلا أن يكون مريضا أو على سفر، والصبيان في سن السابعة مصطفون بأدب تام، وهم الذين عجلوا آباءهم للحضور إلى المسجد.

وإلى القدس شدت الرحال مرارا وتكرارا، في الأقصى تصلى الصلوات جماعة بكافة الأجناس ولم يتبق لليهود أثر، وينشد الأطفال”القدس لنا” ببسمة ثغر وفخر وعزة وتلألؤ للعيون.

الإعلام، ما عاد مسموما، الناس صارت أوعى، أرباب قنوات الفاحشة في السجون، والأخبار؟ ما أدراك ما الأخبار، ذلك البرنامج الجميل الذي لا يبث إلا البشائر، يطلبه الصغير قبل الكبير، لا ترى منه إلا كل خير.

ومن قبيل الإعلام الجديد، العصفور عاد للتغريد بصوته الجميل، وتلاشى عن الساحة نهيق الحمير، ولا وجه قبيح يرسم قبحه في صفحات كتاب الوجوه، والكل صار يلزم حدوده، وما عادت على الخصوصية مخاوف.

صرنا نستخدم تطبيقاتنا الخاصة؛ فما عدنا نحتاج إلى قوقل في حياتنا اليومية، ولا هاتف التفاحة..
وضحكنا على أنفسنا كيف كنا نتعصب “للرجل الآلي” و”أنا الهاتف” وكانوا مقارنة بما لدينا شيئا لا يذكر.

إني على يقين أن هذه العالم الجميل من الخيال لم أكن أول من يصل إليه ويعيشه طربانا قبل أن يستفيق إلى الواقع، ولكن لكلٍ أفكاره وهمومه التي ينوي التخلص منها ومما يراه من أخطاء..
فهل تشاركني قارئ تدوينتي الكريم إتمام رسم هذا العالم؟  (اكمل على تدوينتي من خيالك بالأحرى رجائك)

في الزاوية:

“يا أمة الإسلام بشرى لن يطول بك الهوان .. قد لاح فجرك باسماً فلترقبي ذاك الزمان”

 

*الصورة لأصحابها