-الحسن البصري

ترددت عند كتابة هذه التدوينة لمخالطة الشجون وخشية أن لا توفي العبارات بل الأكثر حياء من النفس وتقصيرها ..

قاعدة عظيمة جدا هي من قواعد التعامل مع النفس وتربيتها وتكشف تحتها الكثير من الآفات وهي قوله تعالى: ( بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ )

هل تملكت يوما فكرة باطلة فأصررت عليها بمكابرة ؟!
كم مرة لم يهن عليك الاقرار بمجانبة الصواب ؟
وكم من المرات جلست ترمي الأعذار لتظهر في النهاية بثوب سليم ؟

لقد شهدت نفوس من هذا الكثير، وفاز فيها من أعمل التفكير.

وهذه المشكلة يا صاح، قد تشغل المرء عن درب الفلاح، فترمي به بالنوى لما يتعامل مع الدين بالهوى، فتراه متحرجا عن الإقرار ببعض الأحكام ويبحث فيها عن اقتحام كي يُحَكِم الهوى.

ونرى في حياتنا من هؤلاء الكثير ولربما منهم الذين انشغلوا بالعقل عن النقل فلا وقعوا بالحل ولا بالعقد.

والعاقل الكبير هو المسلّم بالنصوص الباعد عن الفتن التارك للمريب إلى غير المريب، و “من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه”.

"فأجود الأشياء، قطع أسباب الفتن، وترك الترخص فيما يجوز إذا كان حاملا إلى ما لا يجوز"<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />
يا ليتنا نطبق يا ليت :(

ومما يرتبط بهذه المشكلة هو تعاملنا مع الناس على اختلاف الأمكنة، فكم يسهل علينا فيهم الكلام بانتقاد الأفعال والأقوال وكأن قد كمل فينا الكمال!

فأولى بالنفس ثم أولى أن تتدارك ما هي به بصيرة وتصلح ما فيه فقيرة.

وعلى النقيض يا صاح، قد يكثر فيك النقد ويدخل على نيتك بالطعن..وأنت بنفسك أبصر وبها أعلم،

وقد يصلك من المديح ما أنت منه تستريح ولكنك تعلم علم اليقين حجم المبالغة وقدر نفسك وتقصيرها،

فلا تغتر بأي مما يقال بل بادر لتحقيق الكمال وعليك بنفسك بكل حال..

فاللهم أنت أعلم بنا من نفوسنا ونحن أعلم بنفوسنا من غيرنا، فاللهم اجعلنا خيرًا مما يظنون، واغفر لنا ما لا يعلمون، ولا تؤاخذنا بما يقولون

 

اللهم أنت أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرًا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />
من كتاب: قواعد قرآنية، د.عمر المقبل